د/علي البكالي*
ليس لليمنيين شأن فيما جرى ويجري من سباق وتصفيات نهائية. إنما هي في الحقيقة تسويات سياسية بين أمريكا وروسيا وإيران واسرائيل لتعود إيران لدورها الوظيفي كتابع لاسرائيل لا كمنافس.
ما جرى ويجري من إيران إلى لبنان إلى اليمن هو تقديم فدية لاستمرار النظام الإيراني وعدم إسقاطه ولكم أن تلاحظوا كيف استهدفت قيادات الجناح السياسي وابقوا على الدوغمائية الأيديولوجية الطائفية خامنئي وابنه ونعيم قاسم وعبدالملك الحوثي. ما يعني أن الطائفية كأقلية متطرفة مدمرة للشعوب العربية مطلوب استمرارها، ولكن مع استبعاد نزعة المنافسة والخصومة لإسرائيل.
اسرائيل دولة أقليات وهي تدعم وتهتم للأقليات في المنطقة بمختلف أشكالها. والسياسية الأمريكية والبريطانية كانت ولا تزال قائمة على تشجيع الأقليات في الشرق الأوسط لتأمين اسرائيل وتحقيق أحلامها في تفتيت دول المنطقة بحيث تصبح اسرائيل هي القوة الرئيسة وسيدة المنطقة. وإيران وميليشياتها أكثر من خدم اسرائيل ويخدمها في هذا الجانب، فلولا إيران وميليشياتها ما استطاعت إسرائيل أن تفرض سيادة جوية بطيرانها من الشام إلى العراق إلى اليمن. لذا ستحتفظ اسرائيل وأمريكا بالأقليات الطائفية ولكن مع استبعاد إيران كمنافس، بل إيران كتابع. وهو ما صرح به ترمب مرارا في مطالبته لإيران بالاستسلام بعد ضربها. أي أنه يطلب منها الاستسلام لإسرئيل والعودة لمربع الخدمة الوظيفية كما كانت من قبل جزءا من مشروع الشرق الأوسط الجديد بقيادة اسرائيل.
إيران ومليشياتها دمرت بلداننا العربية وبلدنا العزيز اليمن على رأسها، وكانت في ذلك جزءا من المؤامرة الدولية ووكيلا مقاولا من الباطن لمشروع الفوضى الخلاقة، فلما نفشت ريشها بفعل الدعم الدولي للطائفية والأقليات، قررت منافسة إسرائيل على السيادة في المنطقة، بينما إسرائيل ترى نفسها السيد الأوحد. ولما كانت سياسة إمريكا وبريطانيا لا تقبل منافسا لاسرائيل كوكيل حصري في الشرق الأوسط اتجهت إيران شرقا فتحالفت مع روسيا.
اليوم وفي ظل التقارب الروسي الأمريكي وكثمن لصفقة تسليم أوكرانيا لروسيا، يعاد تسليم إيران لأمريكا (كإبن عاق جرى تأديبه) لتعود إيران لدورها الوظيفي. أي أن كل طرف تنازل عن حليفة الطرف الأخر ليعود كل شيء إلى ما كان عليه، أوكرانيا لروسيا وإيران وأدواتها لأمريكا واسرائيل. وقد قبلت إيران بذلك حفاظا على نظامها السياسي من السقوط، وهي التي تقدم القرابين لأمريكا واسرائيل من العراق إلى لبنان إلى صنعاء المحتلة، حيث يجري إعادة ترتيب وجهة إيران ووجهة أذرعها في المنطقة بحيث تصبح أدوات طائفية بيد اسرائيل.
اليمنيون يفرحون بهلاك الميليشيا الحوثية وقياداتها وإيران وأذنابها لأنهم عانوا من هذه الميليشيا الإجرامية الإرهابية قتلا وتشريدا وسجنا وتجويعا ونهبا وسرقات ولصوصية فلا يوجد بيت في اليمن لم تطله نار الحوثيين وإرهابهم وهمجيتهم، في صورة شهيد أو جريح أو سجين أو اختطاف
أو مشرد أو تفجير بيت أو نهب منزل أو أملاك أو جبايات … ألخ. فكل اليمنيين يكرهون هذه الميليشيا
الإجرامية ويتمنون زوالها بأي شكل وبأي طريقة ولو على يد الشيطان الرجيم. لكن في حقيقة الأمر ليس لليمنيين أي شأن في التصفيات النهائية بين اسرائيل وايران وأذرعها، إنما هي تسويات في إطار إعادة التموضع الوظيفي كما قررته سياسات التسوية الأمريكية الروسية.
*رئيس تيار نهضة اليمن